الجمعة، 4 يوليو 2014

مش لايقة عنوان مناسب

على العكس من اللي كل الناس بتحكيه عن قد ايه الناس بقت شريرة ومتدنية وبتاعة مصلحتها ومنطق "وأنا مالي" وكل الكلام ده اللي انا مش بشكك فيه بتاتاً بس أنا في الحقيقة عندي تجارب مختلفة تماماً في المدينة الشريرة لدرجة أن بقى عندي اعتقاد راسخ أن ربنا بيحميني عن طريق الناس اللي بيبعتهوملي في أوقات بتصرف فيها كبنت عندها 5 سنين. بصراحة هما فعلاً كتير بس في مواقف معينة معلقة معايا؛ أولها لما كنت أصغر حبتين من دلوقتي بس بالمقاييس الطبيعة انا كنت بنت كبيرة عندها 17 سنة وتالتة جامعة بس كنت بريئة حبتين (أو حبات كتير) وكنت بعيط عياط واحدة لسه مطلقة بس على سبب تافه جداً أتفه من انه يتقال بس الكريزة جت (الكريزة اني ابدأ سلسلة من الأفكار الشريرة اللي بتخليني أعيط وأعيط مع شعور قاتل بأن كل الناس بتكرهني وأنا أكيد في المقابل بكرهم يعني)، المهم أن الكريزة لما جاتلي اليوم ده كنت بره البيت وراكبة المترو وبعيط والناس عمالة تبصلي من تحت لتحت وفجأة جاتلي بنت بصوت رخيم شوية ومن نوع البنات اللي يتقال عليهم عاقلين وفيهم وقار أكبر من سنهم (الوقاربيكون نابع من طريقة لبسهم وكلامهم في الغالب) وطبطبت على كتفي وقالتلي: "مالك بتعيطي ليه؟ مفيش حاجة تستاهل، ربنا هيعدلها إن شاء الله". كلامها ونظرتها (بنضارتها اللي مكانتش على الموضة) علقو في دماغي فترة طويلة وقررت اني اكتبهم علشان ما أنساهمش (لكن كأنسانة مهملة وعندها الزهايمر مبكر مش فاكرة انا كتابهم فين) بس أنا فاكرة ملامح الموقف لحد دلوقتي، الموقف ممكن يبان عادي لناس كتير بس أنا كنت متأثرة بيه اوي انا فعلا كنت لسه بريئة :D


الموقف التاني كوميدي أكتر بكتير وغالبا الناس بتضحك عليه بس أنا فضلت متأثرة بيه كذا يوم، كان يا مكان بقى وكنت ساعتها كبرت وبقى عندي 21 سنة لكن دي كانت تالت مرة أزور فيها دولة مصر الجديدة الشقيقة ومضطرة اتعلم المواصلات بتاعتها لأن شغلي هيبقى هناك. وقبل ما ابقى عبده المتشرد اللي بيتنطط من الاتوبيس للمترو للميكروباصات، كنت لسه معرفش حاجة ولقيت ميكروباص معدي قولتله: "مصر الجديدة؟" قالي: "اركبي، اركبي" وركبت بكل سعادة اني بقيت نبيهة وخلاص بقى هكسر الدنيا وبتاع وفجأة لقتني بقرأ: "هيئة الكهرباء جسر السويس" وبروح اماكن مش مصر الجديدة بالمرة بس كان عندي امل انه هيلف ويروح مصر الجديدة بعد كده وفضلت صابرة لحد الاخر خالص لحد ما وصلنا لمكان اسمه "الجراج" وساعتها بصيت للسواق نظرة واحدة مجروحة: "هو أنت مش قلتلي أنك رايح مصر الجديدة؟"، الصدمة كانت كبيرة مش بس لأني توهت في مكان معرفهوش بس لأن ده تاني يوم في الشغل ومينفعش اتأخر (مش عارفة ازاي دي كانت المشكلة الأساسية المسيطرة عليا) وأول ما ياسمين (صديقتي الصدوقة وكده وساعتها كنا بنشتغل في نفس المكان) كلمتني علشان تعرف انا أتأخرت ليه: فتحت في العياط وساعتها الميكروباص كله فضل يقولي على اتجاهات ازاي اروح مصر الجديدةوأنا مكونتش بسمعهم، وكل اللي كنت بفكر فيه اني هاخد تاكسي وارجع على المعادي وطز في الشغل على اللي عايز يشتغل بس وأنا نازلة لقيت واحدة مسكت ايدي وقالتلي: "تعالي انا هوديكي"، ساعتها خوفت وكل الافلام النص كُم اشتغلت في دماغي وحاولت اهرب منها بس هي كانت ماسكة فيا جامد وعمالة تقولي "متعيطيش هنا بقى لحسن هنا الناس ممكن تضحك عليكي" (المكان كان كله ورش على ما أتذكر) وبعدين فضلت تتخانق مع الناس علشان تركبني الأول لدرجة أنها وقفت على الباب وسدته وقالتلهم انهم مينفعش معاهم غير الأسلوب ده وركبتني أنا الأول وبعدين راحت للسواق ودفعتله الاجرة بتاعتي وجاتلي عند الشباك تقولي انها دفعت خلاص وتسلم عليا (كأنها بتوصل بنتها اللي في 5 ابتدائي للامتحان). الموقف ده كل الناس بتعايرني بيه (بالذات أمي اللي حلفت اليوم ده اني لازم اسيب الشغل واقنعتها بالعافية اني ده مش هيتكرر تاني) بس انا بحبه وبحب افتكره.



الموقف الأخير بقى اللي رجعني لكل الذكريات دي حصل من يومين بس لما تعبت اوي وانا ماشية من الشغل (في نهار رمضان الساعة تلاتة في عز الظهر) بس كانت معايا بنت جدعة اوي لسه متعرفة عليها من يومين واللي فضلت مسنداني طول الطريق وأصرت توصلني لحد باب البيت (في الموقف ده مكنتش بنت عندها 5 سنين خالص كنت واحدة عندها 50 سنة مش قادرة تمشي أصلاً). بس مش مها بس اللي كانت النجمة في الموقف ده لازم يظهر بردو شوية شخصيات مش متوقعة لزوم التشويق والإثارة. واحنا على الرصيف في الأسعاف علشان نركب المترو، قولت لمها اني مش قادرة امشي خلينا نقف شوية وساعتها جه واحد من البياعين (اللي منتشرين على الارصفة واللي كل الناس بتتخنق منهم) وجابلي كرسي علشان أقعد عليه وجه واحد تاني ومعاه كرتونة وقعد يهويني، وفجأة جه واحد تاني من قدامي يقولي "ما دام استفرغتي يبقى خلاص ملكيش صيام، خلاص يعني هتعملي ايه يعني ما هو غصب عنك، انا هاجبلك عصير، أجبلك عصير؟... هجبلك عصير) وكان جنبه ولد صغير ومقلبظ حبتين (شبه الأطفال اللي بيطلعوهم في أدوار كوميدية) كان عمّال يقول بحماس "هجبلك عسيييير.. هجيب عسييير)، بس أنا ساعتها الجلالة خدتني وقتلهم شكراً ومشيت أنا ومها. طبعاً رحلة العذاب دي مش أول مرة تحصل ولا هتبقى آخر مرة (لأني مش بهتم بصحتي زي ماما بتقولي في الرايحة والجاية) بس الناس اللي بقابلها بالصدفة بتفكرني اني لازم أحمد ربنا ألف مرة لأنه بياخد باله مني دايما وبتخليني أحب البلد أكتر رغم كل الأرف اللي فيها وكل اللي بنقراه في الجرايد بس الواقع بردو مش سيء أوي يعني.