السبت، 24 مايو 2014

ورقة دحلان (ترجمة) مقال لجوزيف مسعد The Dahlan Factor

مراهنة الجانبين الأمريكي والاسرائليلي على استخدام ورقة دحلان من شأنها أن تعزز من عزمية الفلسطنيين والداعمين لهم.
جوزيف مسعد
جوزيف مسعد هو أستاذ مشارك في العلوم السياسية والتاريخ الفكري العربي الحديث بجامعة كولومبيا

تمثل عودة رحلان الأخيرة إلى الساحة بدفعٍ من العديد من الحكومات العربية وإسرائيل والولايات المتحدة أحد التطورات البارزة في مستقبل القضية الفلسطينية، والمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وغزة التي تحكمها حماس. في حين يرى العديد من الفلسطينين أن دحلان الرجل الأكثر فساداً في تاريخ الحركة القومية الفلسطينية (وينافسه على هذا اللقب الكثيرون).
كان دحلان رجل السلطة الفلسطينية المسئول عن غزة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وكان تحت إمرته حينها 20000 من عناصر الأمن الفلسطينية، والتي كانت مطالبة بدورها برفع التقارير لوكالة المخابرات المركزية (CIA) والمخابرات الإسرائيلية. كما تولت قواته تعذيب عناصر من حركة حماس في سجون السلطة الفلسطينية خلال تسعينيات القرن الماضي. وقد بلغ فساده في ذلك الوقت إلى درجة إتهامه بتحويل أكثر من 40% من الضرائب المفروضة على الفلسطينيين إلى حسابه الخاص، وهو ما عُرف فيما بعد باسم "فضيحة معبر كارني" عام 1997.

وكان دحلان الذي واجه اتهامات متكررة من فتح وحماس بأنه عميل لصالح المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والمصرية والأردنية، قد أقدم على الإطاحة بحكومة حماس المنتخبة ديموقراطياً في غزة عام 2007 من خلال انقلاب عسكري، لكن هذه المحاولة انقلبت عليه وانتهى الأمر بترحيله خارج القطاع (وقد سبق وأن حذرت بشأن الانقلاب قبل وقوعه بعدة أشهر). فيما نجح انقلاباً مماثلاً في الوقت ذاته في الإطاحة بحكومة حماس المنتخبة من السلطة في الضفة الغربية، وذلك بقيادة عباس وقواته الأمنية التي تحظى بمساندة إسرائيل وأمريكا. ولجأ دحلان حينئذ إلى المنطقة التي تمثل الدعامة الأساسية للسلطتين الإسرائيلية والأمريكية، ألا وهي الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، حيث بدأ في حياكة مؤامرات جديدة بمساعدة العديد من أنصاره لسحب البساط من حماس، وبل وأيضاً من عباس، إذ يحسده على منصبه ويسعى إليه. وبالطبع، بدأ الأمريكيون والاتحاد الأوروبي (يتحرك الأخير بناءً على أوامر الولايات المتحدة) في الضغط على عباس ليُعيّن دحلان في منصب النائب له، وبذلك تتجلى رغبتهم في أن يخلف دحلانُ عباسَ في منصبه، لكن عباس بدوره قاوم هذا الضغط ورفضه.
وفي الوقت ذاته، واجه دحلان اتهامات من أعضاء حماس والسلطة الفلسطينية بأنه خطط لعدة محاولات الاغتيال التي استهدفت العديد من المسئولين الفلسطينيين، من بينهما رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية ووزراء في السلطة الفلسطينية من سلطة فتح، ولكنه أصر على نكران تلك الاتهامات. ومن بين الأدلة على تورطه في عملية اغتيال أحد مسئولي حماس على يد الموساد في عام 2010 هي مشاركة اثنين من القتلة المأجورين بفرقة الموت الفلسطينية التابعة له (ألقت سلطات دبي القبض عليهما) في هذه العملية، وهي التهمة التي أنكرها دحلان كذلك. وبحسب جهة استشارية وبحثية إسرائيلية، تبلغ ثروة دحلان 120 مليون دولار أمريكي على أقل تقدير.
وبعد أن صارت مخططات دحلان بوضوح الشمس، أقدم عباس على تجريد دحلان من سلطته وطرده خارج المنطقة الخضراء لرام الله في 2010، فانتقل إلى مصر التي يحكمها مبارك، ثم إلى دبي بعد إسقاط مبارك (وإلى أوروبا في بعض الأحيان) وبقي بها إلى أن عاد ورثة مبارك إلى مسرح الأحداث وهم يعتلون الآن عرش مصر.




يعمل لحساب كل من يدفع
تكمن قوة دحلان في قدرته على خدمة العديد من الأجندات. وتجده إسرائيل شخصاً متوحشاً فاسداً يسعى إلى السلطة، فإنه سيطيع أوامرهم طاعةً عمياء ما أن يصل إلى السلطة  سواء في غزة أو الضفة الغربية.  وترى كل من أمريكا وإسرائيل بأنه الشخص القادر خصيصاً على التوقيع على اتفاق نتانياهو الذي تدعمه أمريكا دون أي مراوغة. أما بالنسبة لمصر والدول الملكية الخليجية (يُقال أنه يتشارك تجارياً مع حاكم خليجي)، فهو يرعى مصالحهم ويمتثل لأوامرهم بالقضاء على أي مقاومة ضد ما تفرضه أمريكا من استسلام الفلسطينيين النهائي لصالح إسرائيل، وكذلك القضاء على حماس لمرة واحدة وإلى الأبد.
أما بالنسبة لقادة الانقلاب في مصر والذي يعد نسخة مكررة عن الانقلاب الذي قام به دحلان عام 2007 إلا أنه قد نجح، فإنه بإمكان دحلان التخلص من حماس التي تمثل امتداداً لقوة الإخوان المسلمين وسيعزز من علاقتهم بإسرائيل أكثر مما هي عليه. لكن الدور الأبرز لدحلان يتمثل في أنه الشخص الذي تحتاجه أمريكا ليحل محل عباس في حال ما إذا فشل الأخير في توقيع الاستسلام الأخير الذي كان يعده كل من باراك أوباما وجون كيري بناءَ على رغبة نتانياهو خلال الأشهر الماضية.
وكما استغنى جورج بوش الأبن وبيل كلينتون عن خدمات عرفات بعد أن أثبت عدم قدرته على توقيع الاستسلام الفلسطيني النهائي الذي طُلب منه في كامب ديفيد في صيف 2000 (وهو الأمر الذي على الأرجح كلفه حياته إما على يد عباس أو دحلان – يتوقف ذلك على أي منهما تتحدث إليه – بناءً على أوامر إسرائيل وأمريكا على الأرجح)، سيستغني أوباما كذلك عن خدمات عباس إذا فشل في توقيع الاستسلام الذي تدعمه أمريكا. وحتى إذا وقّع عباس هذا الاتفاق، فإنه يقارب عامه الثمانين، وستظهر الحاجة لدحلان حينها ليتولى زمام الأمور بعد موته.
وفي هذا السياق، فقد قام مسئول رفيع من الجيش المصري مؤخراً بزيارة إسرائيل لأسبوع كامل، في حين أذاعت القناة التليفزيونية المصرية الخاصة "دريم" (المملوكة لرجل الأعمال أحمد بهجت وهو أحد حلفاء مبارك) لقاءً مع دحلان حيث هاجم عباس في محاولة جاهدة أخرى لإسقاط شرعية الأخير. كما حظي دحلان بدعم رجل الأعمال المصري اليميني نجيب ساويرس (ومن المعروف أنه قد قام بقطع الاتصالات أثناء الانتفاضة المصرية تنفيذاً لأوامر الأجهزة الأمنية التابعة لمبارك) والذي أغدق على دحلان وابلاً من الثناء (كذلك محمد راشد الشهير بخالد سلام وهو مساعد سابق لعرفات، ويُزعم عنه هو الآخر أنه شخص فاسد ومختلس وهارب من السلطات) بأنه من  أكثر رجال الأعمال الذين تعامل معهم إخلاصاً، ثم نعت عباس بلفظ "الكاذب". كما أن ساويرس، الذي كان له استثمارات تجارية في إسرائيل، بالغ في مدحه له إلى حد أنه قال إذا كان لدى فلسطين  ثلاث رجال مثل دحلان، لكانت محررة الآن.
وفي تلك الأحيان وخلال الأشهر التي أعقبت إغلاق المعابر مع غزة والمضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيين في مصر على يد ورثة مبارك، قامت هدى أبنة الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، والتي أعلنت بالفعل احترامها المطلق تماماً لقائد الانقلاب مثل جميع أشقائها، بنشر رسالة إلى رئيس وزراء حماس إسماعيل هنية تتهم فيها شخصه وحركة حماس بأعمال الإرهاب التي تستهدف الجنود في سيناء.
 وعلاوة على ذلك، لم تعد سوريا ملاذاً متاحاً أمام قادة حماس المنفيين، فصارت كل من السعودية والإمارات تُضيق الخناق على قطر والتي تمثل القاعدة الجديدة لقادة حماس المنفيين والجهة الداعمة للأخوان المسلمين. كما تأملان أن تتخلى إيران عن دعمها لحماس ضمن التنازلات التي قد تقدمها إيران لإتمام اتفاقها الجديد مع الولايات المتحدة.
خطة الاستحواذ
وبعد إسرائيل والولايات المتحدة، أصدرت محكمة مصرية قراراً بمنع دخول أعضاء حماس البلاد وباعتبارهما منظمة إرهابية، فيما هددت إسرائيل علانيةّ هذا الأسبوع بأنه لابد من اجتياح غزة، وبذلك فإن خطة استحواذ دحلان على السلطة تُحاك ببطء ولكنها تُحاك بإحكام، وهو الأمر الذي رأى فيه عباس تهديداً، فدفع بمؤيديه ورجاله إلى شوارع رام الله ليثبت للحكومتين الأمريكية والإسرائيلية أنه لا يزال يتمتع بعدد كبير من المؤيدين داخل الضفة الغربية. ويتنافس كل من عباس ودحلان في المقام الاول على إثبات قدرتهما على تقديم المزيد من فروض الولاء والطاعة لخدمة المصالح  الإسرائيلية والأمريكية والمصرية والخليجية، إلى جانب قدرتهما على الاحتفاظ بالشرعية والسيطرة الكاملة على الشعب الفلسطيني.

ملامح الخطة غير واضحة بعد، فقد تتضمن اجتياح غزة من الجانبين المصري والإسرائيلي (قد أطلق مسئولون مصريون بالفعل منذ عدة أسابيع بعض التهديدات التي تقضي بشن هجوم على غزة)، والقيام بانقلاب مماثل في الضفة الغربية، وقد يصل الأمر إلى اغتيال هنية أو عباس أو كلهما.
من الصعب الجزم بأي شيء في ظل الوضع الحالي، فإن عباس – تماماً مثل عرفات من قبل – يذعن إذعاناً تاماً لكل ما تمليه عليه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بل إن عباس على استعداد أن يقدم المزيد من فروض الولاء والطاعة، ولكنه يعي جيداً إنه قد يخسر شرعيته وسلطته في حال ما أقدم على توقيع اتفاقية الاستسلام النهائي المهينة التي تصر عليها الولايات المتحدة وإسرائيل. أما دحلان، فلا تشغله مثل هذه المخاوف.
على العكس من الأخوان المسلمين، فحماس حركة مقاومة وليست حزباً سياسياً، ولا يمكن اعتقال اعضائها أو القضاء عليهم بمنتهى السهولة. وبغض النظر عن الضفة الغربية، فإن دخول دحلان إلى غزة ينذز بنشوب حرب أهلية قد تنتهي بهزيمته مرة أخرى على الأرجح، إلا إذا أقدمت إسرائيل على غزو كامل لقطاع غزة لإعادته إلى السلطة (وجهت السلطة الفلسطينية اتهاماً لدحلان بأنه قد تعاون مع إسرائل أثناء غزو غزة عام 2008، كما تلقى اتهامات أخرى مؤخراً بأن له يداً في الثورة المضادة التي تُثبّت أقدامها حالياً في مصر).
وقد يتكرر السيناريو ذاته في الضفة الغربية.
مستقبل الشعب الفلسطيني في خطر حيث إن أعدائهم يحيطون بهم في الداخل والخارج. ولا تزال الخطط الني يحكيها أوباما والإسرائيليون ومصر والخليج  والتي من شأنها أن تضيع قضيتهم وحقوقهم تمضي قدماً. وكما لم ينجح القادة الفلسطينيون الفاسدون فيما مضى في إضاعة حقوق الشعب الفلسطيني وقضيه، فإن مراهنة إسرائيل والولايات المتحدة على استخدام ورقة دحلان من شأنها أن تعزز من عزيمة الشعب الفلسطيني وداعميه على ألا تتوقف المقاومة الفلسطينية إلا في حالة توقف دولة إسرائيل نهائياً عن سياساتها العنصرية والاستعمارية بجميع صورها وفي جميع المناطق التاريخية بفلسطين.

ترجمة: هديل إسلام 

*موقع الجزيرة بالإنجليزية قد حذف هذا المقال مرتين

المقال الأصلي: 

http://electronicintifada.net/blogs/ali-abunimah/al-jazeera-once-again-removes-joseph-massad-article-palestine#article


الخميس، 22 مايو 2014

بنت المصري

أول مرة رأيتها.. عفواً تلك بدايات الفيس بوك ويكتبه عادة من التقى بشخص وجهاً لوجه، أنا لم التق بها شخصياً. أنا بالصدفة شاهدت فيديو عابراً عن وقفة أمام منزل خالد سعيد قبل اندلاع الثورة في 25 يناير. تأثرت بالمشاعر والهتافات وعددهم الضئيل وهم محاطوون بجند من جميع الاتجاهات، جند في الغالب لايفقهون شيئاً ولايعقلون هكذا يفضل النظام أن يكونون. في منتصف الفيديو تظهر فتاة تهتف بقوة وبثبات هتافاً مختلفاً "كتفي في كتفك.. وحّد صفك". واردني شعوراً غريباً لأنها مختلفة لم تكن تهتف بحرقة (حتى الرجال كنانو يهتفون بحرقة وصوت باكٍ) إنما هي لا، كانت تهتف بقوة. أثارت انتباهي لكن لم اهتم كثيراً هي مجرد "بنت نزلت مظاهرة".
بعد فترة طويلة اكتشفت أني مخطئة، لا هي ليست "مجرد نزلت مظاهرة" بل هي ماهينور المصري. عرفت ذلك عند القبض عليها لا أتذكر الوقت تحديداً. لكني عرفتها عن قرب منذ ذلك الوقت من خلال ما تكتبه وخفة ظلها وتلقايتها وحرقتها للحق. نعم هي مختلفة هي البنت كما يجب ان تكون هي الشخص الذي ستجد فيه مثلاً أعلى، هي من يحزن الجميع من أجلها، هي من يظهر معدنه وإن كانت من تمر بوقت صعب. كم أتمنى لو اتحلي بنصف شجاعتها وكم اتمنى أن أحظى بشرف مقابلتها.

أعرف كم أن تجربة السجن مريرة وأثق انك لن تنكسري وسيأتي اليوم الذي تسمعين فيه كلمة "كفارة" ضاحكةً بل وسيأتي اليوم الذي سنتناسى فيه بشاعة هذا العالم القميء وننقحه جيداً لنتذكر ما يضحكنا.. ما يضحكنا فحسب.