الاثنين، 8 ديسمبر 2014

في وداع رضوى

ها قد وصلتْ أخيرا بخطى ثابتة بطيئة؛ كمن وصل من رحيل طويل، كمريمة تجر أذيال الهزيمة، ولكني لم أسقط. وجهتي لا تهم أحد، فأنا لم أرحل بعد... هناك حيث يودع الحاضرون رضوى عاشور، حيث عكفت على تأمل الوجوه، حيث تكاثرت داخلى الظنون، تمنيت لو أرى شخص أعرفه ولو لمعرفة طفيفة، أردت أن احتضن شخصا لعل دموعي تجد مخرجا، فالدموع أهون من وحدة يحاصرها السواد ووخز في المعدة وجفاف في الحلق وقرآن يتلى لأذان منهكة....كيف يضحكون؟ كيف وجدت الإيجارات والعتابات والدخان والابتسامات إلى هذا المكان سبيلا؟ حسنا لماذا أرتعب أنا؟ لماذا سرى البرد في عظامي وانقبض قلبي وتعرق جلدي؟ أهو الفراق حقا أم أنه حضرة الموت....كم غريبا هذا الموت؟ كيف تخرج الروح في وهلة؟ كيف يتحول هذا الإنسان الذي يثور ويبكي ويتذكر ويتغالظ  ويصرخ إلى جماد مائل إلى البياض فيما تسود أجسادنا نحن السواد.

العمل . الوقت. الطموح. رغباتنا. مشاكلنا. كلها أمور تبدو تافهة في حضرة الموت، ذلك الشعور الآسر الذي يتملكنا حتى أن كلمة الموت تعجز عن التعبير عن ذاتها. وحتى وفاة أبي لم اتقبلها إلا بعد أيام أو يمكن أشهر ما أن لاحظت أنه لم يعد موجودا، ظننتت حينها أن الموت لم يعد مهما وأنه لن يؤثر في....ولكن كم كنت مخطئة.


وإن كان الندم لا ينفع، كم اتمنى لو احضتنكي يا رضوى وقلت لك كم أحبك وكيف أن كل كلمة تكتبينها كان لها أثرا علىّ وعلى حياتي وقراراتي، لكنها الحياة... لا تتوانى عن غرس هذه الحسرة في قلوبنا... لا ألوم أحدا فأنا لا أكره الحياة أو الموت ولكن لكلاهما رهبة لا نعتاد عليها ولو بعد حين.

الجمعة، 4 يوليو 2014

مش لايقة عنوان مناسب

على العكس من اللي كل الناس بتحكيه عن قد ايه الناس بقت شريرة ومتدنية وبتاعة مصلحتها ومنطق "وأنا مالي" وكل الكلام ده اللي انا مش بشكك فيه بتاتاً بس أنا في الحقيقة عندي تجارب مختلفة تماماً في المدينة الشريرة لدرجة أن بقى عندي اعتقاد راسخ أن ربنا بيحميني عن طريق الناس اللي بيبعتهوملي في أوقات بتصرف فيها كبنت عندها 5 سنين. بصراحة هما فعلاً كتير بس في مواقف معينة معلقة معايا؛ أولها لما كنت أصغر حبتين من دلوقتي بس بالمقاييس الطبيعة انا كنت بنت كبيرة عندها 17 سنة وتالتة جامعة بس كنت بريئة حبتين (أو حبات كتير) وكنت بعيط عياط واحدة لسه مطلقة بس على سبب تافه جداً أتفه من انه يتقال بس الكريزة جت (الكريزة اني ابدأ سلسلة من الأفكار الشريرة اللي بتخليني أعيط وأعيط مع شعور قاتل بأن كل الناس بتكرهني وأنا أكيد في المقابل بكرهم يعني)، المهم أن الكريزة لما جاتلي اليوم ده كنت بره البيت وراكبة المترو وبعيط والناس عمالة تبصلي من تحت لتحت وفجأة جاتلي بنت بصوت رخيم شوية ومن نوع البنات اللي يتقال عليهم عاقلين وفيهم وقار أكبر من سنهم (الوقاربيكون نابع من طريقة لبسهم وكلامهم في الغالب) وطبطبت على كتفي وقالتلي: "مالك بتعيطي ليه؟ مفيش حاجة تستاهل، ربنا هيعدلها إن شاء الله". كلامها ونظرتها (بنضارتها اللي مكانتش على الموضة) علقو في دماغي فترة طويلة وقررت اني اكتبهم علشان ما أنساهمش (لكن كأنسانة مهملة وعندها الزهايمر مبكر مش فاكرة انا كتابهم فين) بس أنا فاكرة ملامح الموقف لحد دلوقتي، الموقف ممكن يبان عادي لناس كتير بس أنا كنت متأثرة بيه اوي انا فعلا كنت لسه بريئة :D


الموقف التاني كوميدي أكتر بكتير وغالبا الناس بتضحك عليه بس أنا فضلت متأثرة بيه كذا يوم، كان يا مكان بقى وكنت ساعتها كبرت وبقى عندي 21 سنة لكن دي كانت تالت مرة أزور فيها دولة مصر الجديدة الشقيقة ومضطرة اتعلم المواصلات بتاعتها لأن شغلي هيبقى هناك. وقبل ما ابقى عبده المتشرد اللي بيتنطط من الاتوبيس للمترو للميكروباصات، كنت لسه معرفش حاجة ولقيت ميكروباص معدي قولتله: "مصر الجديدة؟" قالي: "اركبي، اركبي" وركبت بكل سعادة اني بقيت نبيهة وخلاص بقى هكسر الدنيا وبتاع وفجأة لقتني بقرأ: "هيئة الكهرباء جسر السويس" وبروح اماكن مش مصر الجديدة بالمرة بس كان عندي امل انه هيلف ويروح مصر الجديدة بعد كده وفضلت صابرة لحد الاخر خالص لحد ما وصلنا لمكان اسمه "الجراج" وساعتها بصيت للسواق نظرة واحدة مجروحة: "هو أنت مش قلتلي أنك رايح مصر الجديدة؟"، الصدمة كانت كبيرة مش بس لأني توهت في مكان معرفهوش بس لأن ده تاني يوم في الشغل ومينفعش اتأخر (مش عارفة ازاي دي كانت المشكلة الأساسية المسيطرة عليا) وأول ما ياسمين (صديقتي الصدوقة وكده وساعتها كنا بنشتغل في نفس المكان) كلمتني علشان تعرف انا أتأخرت ليه: فتحت في العياط وساعتها الميكروباص كله فضل يقولي على اتجاهات ازاي اروح مصر الجديدةوأنا مكونتش بسمعهم، وكل اللي كنت بفكر فيه اني هاخد تاكسي وارجع على المعادي وطز في الشغل على اللي عايز يشتغل بس وأنا نازلة لقيت واحدة مسكت ايدي وقالتلي: "تعالي انا هوديكي"، ساعتها خوفت وكل الافلام النص كُم اشتغلت في دماغي وحاولت اهرب منها بس هي كانت ماسكة فيا جامد وعمالة تقولي "متعيطيش هنا بقى لحسن هنا الناس ممكن تضحك عليكي" (المكان كان كله ورش على ما أتذكر) وبعدين فضلت تتخانق مع الناس علشان تركبني الأول لدرجة أنها وقفت على الباب وسدته وقالتلهم انهم مينفعش معاهم غير الأسلوب ده وركبتني أنا الأول وبعدين راحت للسواق ودفعتله الاجرة بتاعتي وجاتلي عند الشباك تقولي انها دفعت خلاص وتسلم عليا (كأنها بتوصل بنتها اللي في 5 ابتدائي للامتحان). الموقف ده كل الناس بتعايرني بيه (بالذات أمي اللي حلفت اليوم ده اني لازم اسيب الشغل واقنعتها بالعافية اني ده مش هيتكرر تاني) بس انا بحبه وبحب افتكره.



الموقف الأخير بقى اللي رجعني لكل الذكريات دي حصل من يومين بس لما تعبت اوي وانا ماشية من الشغل (في نهار رمضان الساعة تلاتة في عز الظهر) بس كانت معايا بنت جدعة اوي لسه متعرفة عليها من يومين واللي فضلت مسنداني طول الطريق وأصرت توصلني لحد باب البيت (في الموقف ده مكنتش بنت عندها 5 سنين خالص كنت واحدة عندها 50 سنة مش قادرة تمشي أصلاً). بس مش مها بس اللي كانت النجمة في الموقف ده لازم يظهر بردو شوية شخصيات مش متوقعة لزوم التشويق والإثارة. واحنا على الرصيف في الأسعاف علشان نركب المترو، قولت لمها اني مش قادرة امشي خلينا نقف شوية وساعتها جه واحد من البياعين (اللي منتشرين على الارصفة واللي كل الناس بتتخنق منهم) وجابلي كرسي علشان أقعد عليه وجه واحد تاني ومعاه كرتونة وقعد يهويني، وفجأة جه واحد تاني من قدامي يقولي "ما دام استفرغتي يبقى خلاص ملكيش صيام، خلاص يعني هتعملي ايه يعني ما هو غصب عنك، انا هاجبلك عصير، أجبلك عصير؟... هجبلك عصير) وكان جنبه ولد صغير ومقلبظ حبتين (شبه الأطفال اللي بيطلعوهم في أدوار كوميدية) كان عمّال يقول بحماس "هجبلك عسيييير.. هجيب عسييير)، بس أنا ساعتها الجلالة خدتني وقتلهم شكراً ومشيت أنا ومها. طبعاً رحلة العذاب دي مش أول مرة تحصل ولا هتبقى آخر مرة (لأني مش بهتم بصحتي زي ماما بتقولي في الرايحة والجاية) بس الناس اللي بقابلها بالصدفة بتفكرني اني لازم أحمد ربنا ألف مرة لأنه بياخد باله مني دايما وبتخليني أحب البلد أكتر رغم كل الأرف اللي فيها وكل اللي بنقراه في الجرايد بس الواقع بردو مش سيء أوي يعني.  

السبت، 24 مايو 2014

ورقة دحلان (ترجمة) مقال لجوزيف مسعد The Dahlan Factor

مراهنة الجانبين الأمريكي والاسرائليلي على استخدام ورقة دحلان من شأنها أن تعزز من عزمية الفلسطنيين والداعمين لهم.
جوزيف مسعد
جوزيف مسعد هو أستاذ مشارك في العلوم السياسية والتاريخ الفكري العربي الحديث بجامعة كولومبيا

تمثل عودة رحلان الأخيرة إلى الساحة بدفعٍ من العديد من الحكومات العربية وإسرائيل والولايات المتحدة أحد التطورات البارزة في مستقبل القضية الفلسطينية، والمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وغزة التي تحكمها حماس. في حين يرى العديد من الفلسطينين أن دحلان الرجل الأكثر فساداً في تاريخ الحركة القومية الفلسطينية (وينافسه على هذا اللقب الكثيرون).
كان دحلان رجل السلطة الفلسطينية المسئول عن غزة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وكان تحت إمرته حينها 20000 من عناصر الأمن الفلسطينية، والتي كانت مطالبة بدورها برفع التقارير لوكالة المخابرات المركزية (CIA) والمخابرات الإسرائيلية. كما تولت قواته تعذيب عناصر من حركة حماس في سجون السلطة الفلسطينية خلال تسعينيات القرن الماضي. وقد بلغ فساده في ذلك الوقت إلى درجة إتهامه بتحويل أكثر من 40% من الضرائب المفروضة على الفلسطينيين إلى حسابه الخاص، وهو ما عُرف فيما بعد باسم "فضيحة معبر كارني" عام 1997.

وكان دحلان الذي واجه اتهامات متكررة من فتح وحماس بأنه عميل لصالح المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والمصرية والأردنية، قد أقدم على الإطاحة بحكومة حماس المنتخبة ديموقراطياً في غزة عام 2007 من خلال انقلاب عسكري، لكن هذه المحاولة انقلبت عليه وانتهى الأمر بترحيله خارج القطاع (وقد سبق وأن حذرت بشأن الانقلاب قبل وقوعه بعدة أشهر). فيما نجح انقلاباً مماثلاً في الوقت ذاته في الإطاحة بحكومة حماس المنتخبة من السلطة في الضفة الغربية، وذلك بقيادة عباس وقواته الأمنية التي تحظى بمساندة إسرائيل وأمريكا. ولجأ دحلان حينئذ إلى المنطقة التي تمثل الدعامة الأساسية للسلطتين الإسرائيلية والأمريكية، ألا وهي الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، حيث بدأ في حياكة مؤامرات جديدة بمساعدة العديد من أنصاره لسحب البساط من حماس، وبل وأيضاً من عباس، إذ يحسده على منصبه ويسعى إليه. وبالطبع، بدأ الأمريكيون والاتحاد الأوروبي (يتحرك الأخير بناءً على أوامر الولايات المتحدة) في الضغط على عباس ليُعيّن دحلان في منصب النائب له، وبذلك تتجلى رغبتهم في أن يخلف دحلانُ عباسَ في منصبه، لكن عباس بدوره قاوم هذا الضغط ورفضه.
وفي الوقت ذاته، واجه دحلان اتهامات من أعضاء حماس والسلطة الفلسطينية بأنه خطط لعدة محاولات الاغتيال التي استهدفت العديد من المسئولين الفلسطينيين، من بينهما رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية ووزراء في السلطة الفلسطينية من سلطة فتح، ولكنه أصر على نكران تلك الاتهامات. ومن بين الأدلة على تورطه في عملية اغتيال أحد مسئولي حماس على يد الموساد في عام 2010 هي مشاركة اثنين من القتلة المأجورين بفرقة الموت الفلسطينية التابعة له (ألقت سلطات دبي القبض عليهما) في هذه العملية، وهي التهمة التي أنكرها دحلان كذلك. وبحسب جهة استشارية وبحثية إسرائيلية، تبلغ ثروة دحلان 120 مليون دولار أمريكي على أقل تقدير.
وبعد أن صارت مخططات دحلان بوضوح الشمس، أقدم عباس على تجريد دحلان من سلطته وطرده خارج المنطقة الخضراء لرام الله في 2010، فانتقل إلى مصر التي يحكمها مبارك، ثم إلى دبي بعد إسقاط مبارك (وإلى أوروبا في بعض الأحيان) وبقي بها إلى أن عاد ورثة مبارك إلى مسرح الأحداث وهم يعتلون الآن عرش مصر.




يعمل لحساب كل من يدفع
تكمن قوة دحلان في قدرته على خدمة العديد من الأجندات. وتجده إسرائيل شخصاً متوحشاً فاسداً يسعى إلى السلطة، فإنه سيطيع أوامرهم طاعةً عمياء ما أن يصل إلى السلطة  سواء في غزة أو الضفة الغربية.  وترى كل من أمريكا وإسرائيل بأنه الشخص القادر خصيصاً على التوقيع على اتفاق نتانياهو الذي تدعمه أمريكا دون أي مراوغة. أما بالنسبة لمصر والدول الملكية الخليجية (يُقال أنه يتشارك تجارياً مع حاكم خليجي)، فهو يرعى مصالحهم ويمتثل لأوامرهم بالقضاء على أي مقاومة ضد ما تفرضه أمريكا من استسلام الفلسطينيين النهائي لصالح إسرائيل، وكذلك القضاء على حماس لمرة واحدة وإلى الأبد.
أما بالنسبة لقادة الانقلاب في مصر والذي يعد نسخة مكررة عن الانقلاب الذي قام به دحلان عام 2007 إلا أنه قد نجح، فإنه بإمكان دحلان التخلص من حماس التي تمثل امتداداً لقوة الإخوان المسلمين وسيعزز من علاقتهم بإسرائيل أكثر مما هي عليه. لكن الدور الأبرز لدحلان يتمثل في أنه الشخص الذي تحتاجه أمريكا ليحل محل عباس في حال ما إذا فشل الأخير في توقيع الاستسلام الأخير الذي كان يعده كل من باراك أوباما وجون كيري بناءَ على رغبة نتانياهو خلال الأشهر الماضية.
وكما استغنى جورج بوش الأبن وبيل كلينتون عن خدمات عرفات بعد أن أثبت عدم قدرته على توقيع الاستسلام الفلسطيني النهائي الذي طُلب منه في كامب ديفيد في صيف 2000 (وهو الأمر الذي على الأرجح كلفه حياته إما على يد عباس أو دحلان – يتوقف ذلك على أي منهما تتحدث إليه – بناءً على أوامر إسرائيل وأمريكا على الأرجح)، سيستغني أوباما كذلك عن خدمات عباس إذا فشل في توقيع الاستسلام الذي تدعمه أمريكا. وحتى إذا وقّع عباس هذا الاتفاق، فإنه يقارب عامه الثمانين، وستظهر الحاجة لدحلان حينها ليتولى زمام الأمور بعد موته.
وفي هذا السياق، فقد قام مسئول رفيع من الجيش المصري مؤخراً بزيارة إسرائيل لأسبوع كامل، في حين أذاعت القناة التليفزيونية المصرية الخاصة "دريم" (المملوكة لرجل الأعمال أحمد بهجت وهو أحد حلفاء مبارك) لقاءً مع دحلان حيث هاجم عباس في محاولة جاهدة أخرى لإسقاط شرعية الأخير. كما حظي دحلان بدعم رجل الأعمال المصري اليميني نجيب ساويرس (ومن المعروف أنه قد قام بقطع الاتصالات أثناء الانتفاضة المصرية تنفيذاً لأوامر الأجهزة الأمنية التابعة لمبارك) والذي أغدق على دحلان وابلاً من الثناء (كذلك محمد راشد الشهير بخالد سلام وهو مساعد سابق لعرفات، ويُزعم عنه هو الآخر أنه شخص فاسد ومختلس وهارب من السلطات) بأنه من  أكثر رجال الأعمال الذين تعامل معهم إخلاصاً، ثم نعت عباس بلفظ "الكاذب". كما أن ساويرس، الذي كان له استثمارات تجارية في إسرائيل، بالغ في مدحه له إلى حد أنه قال إذا كان لدى فلسطين  ثلاث رجال مثل دحلان، لكانت محررة الآن.
وفي تلك الأحيان وخلال الأشهر التي أعقبت إغلاق المعابر مع غزة والمضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيين في مصر على يد ورثة مبارك، قامت هدى أبنة الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، والتي أعلنت بالفعل احترامها المطلق تماماً لقائد الانقلاب مثل جميع أشقائها، بنشر رسالة إلى رئيس وزراء حماس إسماعيل هنية تتهم فيها شخصه وحركة حماس بأعمال الإرهاب التي تستهدف الجنود في سيناء.
 وعلاوة على ذلك، لم تعد سوريا ملاذاً متاحاً أمام قادة حماس المنفيين، فصارت كل من السعودية والإمارات تُضيق الخناق على قطر والتي تمثل القاعدة الجديدة لقادة حماس المنفيين والجهة الداعمة للأخوان المسلمين. كما تأملان أن تتخلى إيران عن دعمها لحماس ضمن التنازلات التي قد تقدمها إيران لإتمام اتفاقها الجديد مع الولايات المتحدة.
خطة الاستحواذ
وبعد إسرائيل والولايات المتحدة، أصدرت محكمة مصرية قراراً بمنع دخول أعضاء حماس البلاد وباعتبارهما منظمة إرهابية، فيما هددت إسرائيل علانيةّ هذا الأسبوع بأنه لابد من اجتياح غزة، وبذلك فإن خطة استحواذ دحلان على السلطة تُحاك ببطء ولكنها تُحاك بإحكام، وهو الأمر الذي رأى فيه عباس تهديداً، فدفع بمؤيديه ورجاله إلى شوارع رام الله ليثبت للحكومتين الأمريكية والإسرائيلية أنه لا يزال يتمتع بعدد كبير من المؤيدين داخل الضفة الغربية. ويتنافس كل من عباس ودحلان في المقام الاول على إثبات قدرتهما على تقديم المزيد من فروض الولاء والطاعة لخدمة المصالح  الإسرائيلية والأمريكية والمصرية والخليجية، إلى جانب قدرتهما على الاحتفاظ بالشرعية والسيطرة الكاملة على الشعب الفلسطيني.

ملامح الخطة غير واضحة بعد، فقد تتضمن اجتياح غزة من الجانبين المصري والإسرائيلي (قد أطلق مسئولون مصريون بالفعل منذ عدة أسابيع بعض التهديدات التي تقضي بشن هجوم على غزة)، والقيام بانقلاب مماثل في الضفة الغربية، وقد يصل الأمر إلى اغتيال هنية أو عباس أو كلهما.
من الصعب الجزم بأي شيء في ظل الوضع الحالي، فإن عباس – تماماً مثل عرفات من قبل – يذعن إذعاناً تاماً لكل ما تمليه عليه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بل إن عباس على استعداد أن يقدم المزيد من فروض الولاء والطاعة، ولكنه يعي جيداً إنه قد يخسر شرعيته وسلطته في حال ما أقدم على توقيع اتفاقية الاستسلام النهائي المهينة التي تصر عليها الولايات المتحدة وإسرائيل. أما دحلان، فلا تشغله مثل هذه المخاوف.
على العكس من الأخوان المسلمين، فحماس حركة مقاومة وليست حزباً سياسياً، ولا يمكن اعتقال اعضائها أو القضاء عليهم بمنتهى السهولة. وبغض النظر عن الضفة الغربية، فإن دخول دحلان إلى غزة ينذز بنشوب حرب أهلية قد تنتهي بهزيمته مرة أخرى على الأرجح، إلا إذا أقدمت إسرائيل على غزو كامل لقطاع غزة لإعادته إلى السلطة (وجهت السلطة الفلسطينية اتهاماً لدحلان بأنه قد تعاون مع إسرائل أثناء غزو غزة عام 2008، كما تلقى اتهامات أخرى مؤخراً بأن له يداً في الثورة المضادة التي تُثبّت أقدامها حالياً في مصر).
وقد يتكرر السيناريو ذاته في الضفة الغربية.
مستقبل الشعب الفلسطيني في خطر حيث إن أعدائهم يحيطون بهم في الداخل والخارج. ولا تزال الخطط الني يحكيها أوباما والإسرائيليون ومصر والخليج  والتي من شأنها أن تضيع قضيتهم وحقوقهم تمضي قدماً. وكما لم ينجح القادة الفلسطينيون الفاسدون فيما مضى في إضاعة حقوق الشعب الفلسطيني وقضيه، فإن مراهنة إسرائيل والولايات المتحدة على استخدام ورقة دحلان من شأنها أن تعزز من عزيمة الشعب الفلسطيني وداعميه على ألا تتوقف المقاومة الفلسطينية إلا في حالة توقف دولة إسرائيل نهائياً عن سياساتها العنصرية والاستعمارية بجميع صورها وفي جميع المناطق التاريخية بفلسطين.

ترجمة: هديل إسلام 

*موقع الجزيرة بالإنجليزية قد حذف هذا المقال مرتين

المقال الأصلي: 

http://electronicintifada.net/blogs/ali-abunimah/al-jazeera-once-again-removes-joseph-massad-article-palestine#article


الخميس، 22 مايو 2014

بنت المصري

أول مرة رأيتها.. عفواً تلك بدايات الفيس بوك ويكتبه عادة من التقى بشخص وجهاً لوجه، أنا لم التق بها شخصياً. أنا بالصدفة شاهدت فيديو عابراً عن وقفة أمام منزل خالد سعيد قبل اندلاع الثورة في 25 يناير. تأثرت بالمشاعر والهتافات وعددهم الضئيل وهم محاطوون بجند من جميع الاتجاهات، جند في الغالب لايفقهون شيئاً ولايعقلون هكذا يفضل النظام أن يكونون. في منتصف الفيديو تظهر فتاة تهتف بقوة وبثبات هتافاً مختلفاً "كتفي في كتفك.. وحّد صفك". واردني شعوراً غريباً لأنها مختلفة لم تكن تهتف بحرقة (حتى الرجال كنانو يهتفون بحرقة وصوت باكٍ) إنما هي لا، كانت تهتف بقوة. أثارت انتباهي لكن لم اهتم كثيراً هي مجرد "بنت نزلت مظاهرة".
بعد فترة طويلة اكتشفت أني مخطئة، لا هي ليست "مجرد نزلت مظاهرة" بل هي ماهينور المصري. عرفت ذلك عند القبض عليها لا أتذكر الوقت تحديداً. لكني عرفتها عن قرب منذ ذلك الوقت من خلال ما تكتبه وخفة ظلها وتلقايتها وحرقتها للحق. نعم هي مختلفة هي البنت كما يجب ان تكون هي الشخص الذي ستجد فيه مثلاً أعلى، هي من يحزن الجميع من أجلها، هي من يظهر معدنه وإن كانت من تمر بوقت صعب. كم أتمنى لو اتحلي بنصف شجاعتها وكم اتمنى أن أحظى بشرف مقابلتها.

أعرف كم أن تجربة السجن مريرة وأثق انك لن تنكسري وسيأتي اليوم الذي تسمعين فيه كلمة "كفارة" ضاحكةً بل وسيأتي اليوم الذي سنتناسى فيه بشاعة هذا العالم القميء وننقحه جيداً لنتذكر ما يضحكنا.. ما يضحكنا فحسب.

الاثنين، 24 مارس 2014

رأيت السيدة راء

روحت بنفس الطريق، لما كنت بكون مستعجلة أو بستستهل، ومشيت بنفس المشية السريعة، بنفخ من بطء الناس، واللي واقفين في الطريق يهزروا ويضحكوا، ووصلت للباب، بس على الجنب الشمال، قالي فين الكارنيه، قلتلو انا جاية علشان ندوة.. ولسه هكمل عوج بقه وشاورلي أدخل.

بعد ما تهت في أداب وطلعت في سلالم وسألت اللي يعرف وما يعرفش.. وصلت ومكانش لسه حد بدأ وطبعاً طول الوقت موقفتش النعرة الألسنية الأصيلة "ألسن أحلى بكتييير". طلعت المدرج وببص يمين وشمال ملقتش حد "كل حلفائك خانوك يا ريتشارد" كل اللي قال جاي مجاش ولقيتني أنا لوحدي وببص لقيت تميم البرغوثي قاعد ومركز في اللاب توب، قعدت على نفس الصف بس "بنش" تاني وحاولت مبصش عليه وفضلت أطلع نفسي 100 حجة وحجة اني مسلمش عليه على أساس انه مشغول ..أو ان الوقت مش مناسب بس في الحقيقة أنا ملعونة بالكسوف ومش عارفة هبطل أتسمر كده أمتى ، ده يا راجل لولا أن مريد البرغوثي عدّى من قدامي مكنتشي اتنحررت وسلمت عليه وأنا متاكدة انه مسمعش نص كلامي أساساَ.

وبعد شوية آراء ونقد وتحليلات لأدب رضوى عاشور، تكلمت شهرزاد.. هكذا أطلقوا عليها ولا أعلم إذا ترقى شهرزاد لمكانتها. تحدثت ببعض الكلمات معقبة بالشكر أو بعض التعليقات.. ولم أرى يا ألهي مثل هذا التواضع أبداً في كلامها وتعبيرها وبساطتها وإشاراتها وتحركاتها مع الموسيقى.. نعم نعم كنت أراقبها بقدر ما أستطعت.

وسرعان ما مر اليوم على الرغم من كوني يتيمة لا أجد من يصحبني ولا من يشهبني فإما طالبات من الأداب أو أجيال مخضرمة فطاحل في الأدب والمطالعة. ولقتني انا لوحدي طول الوقت لوحدي حتى ساعة الأكل على الرغم من جوعي لم تنفتح شهيتي كثيراً اللهم إلا فطيرتين صغيرتين (والله صغيرتين أوي). اكتفيت بالتجول والمراقبة والنظر من الشباك الذي لم يكن يطل على شيء وهذه هي المرة الأولى في حياتي التي أطل فيها من شباك لا يطل على شيء.

وختامه مسك مع كلمات من مريد ورضوى وأمين حداد وناقدة لا أتذكر اسمها للأسف، ثم مصطفى السعيد الذي غنى وأطرب وعزف وتميم الذي ألقى شعراً وازداد الجو شاعرية مع انقطاع الكهرباء. انتهى اليوم وقمت ببعض المحاولات لأتحدث مع الدكتورة فيما اجتمع الجميع حولها ولم ازفر بفرصة وقررت الاستسلام وعند الباب رأيت دكتور كرمة مرة أخرى وقالت لي "كويس أنك صمدتي".

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

العزف في حضرة البارونة

كانت تضحك من قلبها لأول مرة منذ زمن بعيد وهي تعتلي سلالم المسرح. انتبهت فوجدته هناك جالساً يعزف على البيانو غير آبه بالعالم وما فيه، فاقتربت منه ووضعت الحقيبة السوداء التي تحمل بها التشيللو ثم وضعت يدها على ظهرها وكأنها انتبهت للتو كم كان ثقيلاً. وانتبه هو بدوره لقدومها وسألها عن سر السعادة الغامرة، فأجابت مترددة:
- لا شيء.. سعيدة بدون سبب..لست سعيدة.. كان البارحة يوماً حافلاً
- حافلاً؟
قالت مسرعة: عزفت كثيراً، فسألها باستعجاب: في البيت؟
 فردت: بالطبع لا........أمجد، هل لي أن أخبرك بسر ولا تخبر أحداً...أبداً... مهما حدث.

-          هل سبق وأن أفشيت لك سراً
-          لا.. أنا فقط خائفة...وتابعت مسرعة قبل أن تتردد مجدداً: أنا أذهب للقصر منذ مدة وأعزف هناك
-          أي قصر؟
-          قصر البارون
ضحك ضحكاً هستيريا وقال: أتعزفين داخله أم خارجه، ردت منزعجة: خارجه... فيما عدا البارحة.. أمجد أعلم أنك لا تصدقني لكني هذه هي الحقيقة. منذ شهر تقريباً وأنا أهرب في الليل من البيت وأذهب إلى قصر البارون وأعزف هناك و................... أرجوك أوعدني مجدداً ألا تخبر أحداً. فقال لها ويبدو أن صبره بدأ ينفذ: أوعدك يا نغم لكن تحدثي.. قولي ماذا حدث. نظرت حولها لتتأكد أنهما بمفردهما "في كل مرة أعزف .. كنت أسمع صوت حركة ولكن ليست عنيفة كما يُروى لنا، وفي إحدى المرات أضاء النور ولكنه سرعان ما أنطفأ... كل ذلك ليس مهم، لم أكترث وقلت لنفسي "تهيؤات"، لكن في هذه المرة، ظهرت لي أمرأة غاية في الجمال وكانت ترتدي فستاناً يبدو باهظاً ولكنه قديم جداً وكان محتشماُ .. اسمها "هيلانة".."هيلانة إمبان" شقيقة البارون كهذا أخبرتني بعد أن اقتربت مني مبتسمة وحينها توقفت عن العزف .. فطلبت مني ألا أتوقف وقالت أنها تحب عزفي كثيرا وشكرتني لأنها تشعر بالوحدة.
"نغم، نغم، نغم" .. ناداها بنغمات متصاعدة ليقاطعها "لا بد أن هذا من نسج خيالك، إنك تعزفين في مثل هذا المكان، لابد أن عقلك الباطن يختلق بعض القصص ولكنها خيال. نظرت له نظرة بائسة ثم قالت: "هذه ليس المرة الوحيدة التي أراها فيها. ذهبت بعد ذلك أكثر من مرة وكانت تنتظر حتى أصدر بصوتي نغمات تتماشى مع اللحن ثم تخرج وأخبرتني أنها تحب هذا الجزء بالتحديد. فتغنيت باسمها مع متابعة العزف وحينها اقتربت مني وعانقتني، وشعرت بها. أقسم لك شعرت بها، وشممت رأئحة عطرها التي لم أشم في روعته  في حياتي كلها. وأخبرتني عن أخاها الظالم كما أخبرتها عن أبي وكيف يمنعني من ممارسة هوايتي المفضلة وحينها أمسكت ذراعي بقوة وقالت أنه عليّ أن أتمسك بما أريد بقوة وأن مثل هؤلاء الرجال يتحكمون بنا لأنهم فشلوا في تحقيق الحياة التي يتمنونها، فيحرموننا منها بالمثل. وأكثر ما أذكره هو عيناها الدامعتين.

إنه لا يصدقها .. هكذا فهمت من تعبيرات وجهه، فأخذت نفساً طويلاً وقالت: البارحة.. رأيت القصر من الداخل، فضحك مستهزئاً وكيف دخلتي، "هل قفزتي مع البارونة من فوق السور؟". "بالطبع لا" ردت عليه وهي تنظر للسقف، "كان معها مفتاحاً، وكان القصر رائعاً، لكن ما كان أروع هو عزفها على البيانو، فقد عزفنا معنا "- Faure Elegie". ولهذا السبب لم أنم ليلة أمس ولهذا السبب أنا سعيدة حتى وإن لم تصدقني.
*******

كانت غاضبة أكثر من أي وقت مضى وهي تعتلي سلالم المسرح هذه المرة. وعندما رأت أمجد صاحت:
-          أمجد، هل أخبرت أحداً؟
-          بشأن ماذا.. القصر؟.... لا.. لم أفعل
-          بلى فعلت، أعرفك عندما تكذب، لماذا فعلت ذلك....هيلانة غاضبة مني.. هيلانة لم تعد تأتي
-          نغم، لا بد أنها أوهام. لقد ذهب مع ثريا وعزفنا هناك ولم يحدث أي شيء .. لم يظهر أحد على الإطلاق
-          هذا هو السبب إذن، لهذا لم تعد تظهر. إنه اقتراح ثريا، أليس كذلك؟.... ثريا الخبيثة هي تكرهني.. أمجد لا أريد أن أراك ثانية أنت دمرت أجمل شيء بحياتي
-          إنها أوهام
-          أنت لا تعرف شيئاً

رحلت نغم مستشيطة غضباً وهي تعيش لحظة الذروة من دراما حياتها والدموع تملأ وجهها. وزارت القصر كل يوم .. الليلة تلو أخرى وعزفت كل الألحان التي تعرفها وتغنت باسم هيلانة ولكنها لم تغفر لها.. أبداً

ألقت نغم نظرة أخيرة على القصر من نافذة السيارة المتوجهة إلى مشفى الأمراض النفسية والعصبية بناء على رغبة أبيها بعد أن عرف القصة من أمجد، كانت تطل منها بملامحها المرهقة ووجها الشاحب ونظرت في يأس إلى نافذة الغرفة لعل هيلانة تطل منها وتودعها لمرة أخيرة.... ولكنها لم تفعل.

الجمعة، 25 أكتوبر 2013

Harvesting Rotten Crops

Disappointments in moments of Victory;
Gloominess in moments of Happiness;
Loneliness among crowds of people.
Needing to be listened to, but no would do;
they won't understand, and 
how would they, while
I, myself, not do.