الاثنين، 8 ديسمبر 2014

في وداع رضوى

ها قد وصلتْ أخيرا بخطى ثابتة بطيئة؛ كمن وصل من رحيل طويل، كمريمة تجر أذيال الهزيمة، ولكني لم أسقط. وجهتي لا تهم أحد، فأنا لم أرحل بعد... هناك حيث يودع الحاضرون رضوى عاشور، حيث عكفت على تأمل الوجوه، حيث تكاثرت داخلى الظنون، تمنيت لو أرى شخص أعرفه ولو لمعرفة طفيفة، أردت أن احتضن شخصا لعل دموعي تجد مخرجا، فالدموع أهون من وحدة يحاصرها السواد ووخز في المعدة وجفاف في الحلق وقرآن يتلى لأذان منهكة....كيف يضحكون؟ كيف وجدت الإيجارات والعتابات والدخان والابتسامات إلى هذا المكان سبيلا؟ حسنا لماذا أرتعب أنا؟ لماذا سرى البرد في عظامي وانقبض قلبي وتعرق جلدي؟ أهو الفراق حقا أم أنه حضرة الموت....كم غريبا هذا الموت؟ كيف تخرج الروح في وهلة؟ كيف يتحول هذا الإنسان الذي يثور ويبكي ويتذكر ويتغالظ  ويصرخ إلى جماد مائل إلى البياض فيما تسود أجسادنا نحن السواد.

العمل . الوقت. الطموح. رغباتنا. مشاكلنا. كلها أمور تبدو تافهة في حضرة الموت، ذلك الشعور الآسر الذي يتملكنا حتى أن كلمة الموت تعجز عن التعبير عن ذاتها. وحتى وفاة أبي لم اتقبلها إلا بعد أيام أو يمكن أشهر ما أن لاحظت أنه لم يعد موجودا، ظننتت حينها أن الموت لم يعد مهما وأنه لن يؤثر في....ولكن كم كنت مخطئة.


وإن كان الندم لا ينفع، كم اتمنى لو احضتنكي يا رضوى وقلت لك كم أحبك وكيف أن كل كلمة تكتبينها كان لها أثرا علىّ وعلى حياتي وقراراتي، لكنها الحياة... لا تتوانى عن غرس هذه الحسرة في قلوبنا... لا ألوم أحدا فأنا لا أكره الحياة أو الموت ولكن لكلاهما رهبة لا نعتاد عليها ولو بعد حين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق